Beirut Chants

14 كانون الاول 2024

 

كلمة

الدكتور الياس وراق

رئيس جامعة البلمند

 

  

في حفل Beirut Chants

 في دير سيدة البلمند البطريركي

 

  

يوم السبت في 14 كانون الأول 2024

 

أصحاب المعالي والسعادة والسيادة،

الحفلُ الكريم،

 

في هذا اليوم أستذكرُ ما قالَهُ المتنبي من مئاتِ السِّنين: "عيدٌ بأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ".

ففي هذهِ الأيامِ العصيبةِ لا يمكِنُنا ألّا نتذكَّرَ ما أصابَ بلَدَنا الحبيب، وشعبَنا المتألم، من نكباتٍ و مصاعب.

فمنذُ خمسةِ أعوامٍ ولا يزالُ وطننا يُعاني أزمةً تلوَ الأخرى.

فَمِن وباءٍ أخضَعَ العالمَ، إلى أزمةٍ ماليةٍ أودَت بودائِعِ الناسِ وجنى عُمرِهِم، إلى إنفجارٍ أطاحَ بقلبِ العاصمةِ، إلى حربٍ شرسَةٍ فتاكَةٍ عبثية، دمَّرَت ما دمَّرَت في جميعِ أرجاءِ لبنان، وهَجَّرت مئاتَ الآلاف، وأودَت بحياةِ المئات.

ولكِنْ بالرغمِ من هذا المشهدِ القاتِم، والظلامة الموصوفة، عادَ لبنان بقيامتِه المعهودة، قيامة طائرِ الفينيق، شامخاً كشموخِ أرزِ الرب، معتداً بشعبِهِ الأبيّ الذي لا يُقهَر، بل يقهرُ المصاعبَ والمصائب، ويستنبطُ الحلولَ مِنَ المعضلاتِ.

ويلتفُّ حولَ من أصابتهُ النكبة، فتتعانقُ سواعدَ هذا الشّعبِ الخلّاقِ لتحفظَ هذا الوطنَ لأهلِه.

فنحنُ شعبٌ لا يركعُ إلا لربِّ العالمين، ولا يسجُدُ إلا للصلاة، ولا يعرِفُ إلا ثقافةَ التجددِ ونشرِ الحضارةِ والإبداع.

نَعَم في ظلِّ هذه المآسي التي أصابَت وطنَنَا وفي ظلِّ هذا الظلمِ الذي يلحَقُ بالأبرياءِ في العالم، وفي ظلِّ هذا الإجرامِ المتَنَقِل في دولِ الأرضِ حيثُ يُقتَلُ الأطفال من غبارِ الدمار، وتبكي عيونُ الأمهاتِ على أشلاءِ أبنائِها.

نَعَم فبالرغمِ من كلِّ هذا الشَّرِ المُستَشري في العالم يبقَى رجاؤنا بالخيرِ الذي يفيضُ من مغارةِ الطفلِ يسوع. فهو الأملُ باستعادةِ البشريةِ لإنسانيتِها وهو الرجاءُ بإصلاحِ النفوسِ التي أفسَدَها المالُ وأغرَتْهَا السلطة.

عَسَى أن يكونَ ميلادُ السيد المسيح بمثابةِ شُعاعِ النورِ ورذاذِ المطرِ لبذورِ الخيرِ والرحمةِ والمحبةِ في قلبِ الإنسان. ذاكَ الإنسان الذي تناسَى ربَّهُ وتكَبَّر على خالِقِه، وأردَى أخاه الإنسان، وتعاظَمت كبريائُهُ في بحثِهِ عن الخلودِ والألوهية.

في هذا العيدِ المبارك، أتوجَّه إليكم بأسمى التمنيات، أعادَهُ الله علينا جميعاً بالخيرِ والبركةِ والسلامِ والطمأنينة، وأنعمَ على لبنان بقادةٍ حكماء، نظاف الكف، وأصحاب قلوبٍ بيضاء وعقولٍ نيِّرة.

كلَّ عامٍ وأنتُم بخير، ولبنان سالماً معافًى محروساً بقِدِّيسيه ومزَيَّناً بكنائِسه وجوامِعِه.

 


​​​​​